كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


عدوا من خصائص هذه الأمة أن المائدة توضع بين أيديهم فما يرفعونها حتى يغفر لهم ‏(‏الضياء‏)‏ المقدسي في المختارة وكذا الطبراني في الأوسط من رواية عبد الوارث مولى أنس‏.‏

- ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك قال الزين العراقي وعبد الوارث ضعيف وفيه أيضاً عبيد بن العطار ضعفه الجمهور‏.‏

1975 - ‏(‏إن الرجل‏)‏ يعني الإنسان ‏(‏ليحرم‏)‏ بالبناء للمفعول أي يمنع وحذف الفاعل في مقام منع الرزق أنسب ‏(‏الرزق‏)‏ أي بعضه يعني ثواب الآخرة أو نعم الدنيا من نحو صحة ومال بمعنى محق البركة منه ‏(‏بالذنب يصيبه‏)‏ وفي رواية بذنبه أي بشؤم كسبه للذنب ولو بأن تسقط منزلته من القلوب ويستولي عليه أعداؤه أو ينسى العلم حتى قال بعضهم إني لأعرف عقوبة ذنبي في سوء خلق حماري، وقال آخر أعرفه من تغير الزمان وجفاء الإخوان، ولا يقدح فيه ما يرى من أن الكفرة والفسقة أعظم مالاً وصحة من العلماء لأن الكلام في مسلم يريد اللّه رفع درجته في الآخرة فيعقبه من ذنوبه في الدنيا، فاللام في الرجل للعهد والمعهود بعض الجنس من المسلمين ذكره المظهر وبه عرف أنه لا تناقض بينه وبين خبر إن الرزق لا ينقصه المعصية ولهذا وجه بعضهم الخبر بأن للّه لطائف يحدثها للمؤمن ليصرف وجهه إليه عن اتباع شهوته والانهماك في نهمته فإذا اشتغل بذلك عن ربه حرم رزقه فيكون زجراً له إليه عما أقبل عليه وتأديباً له أن لا يعود لمثله كطفل دعته أمّه فأعرض عنها فيعدو إلى لهو فيعثر فيقوم ويعدو إليها راجعاً، قال بعضهم‏:‏ واعلم أن من الحوادث ما ظاهره عنف وباطنه لطف كحرمان الرزق بما يصيبه من الذنب فإن العبد إذا أعرض عن ربه واشتغل بما أسبغ عليه وأحب إقباله عليه حرمه سعة ما بسط له ليخاف فيرتدع ويضيق عليه جهات الرزق فيلجأ إليه ويقبل بالتضرع إليه ومن أراد غير ذلك زاده على ذنبه نعما ليزداد إعراضاً وشغلاً، فإن قيل كيف يحرم الرزق المقسوم‏؟‏ قلنا يحرم بركته أو سعته أو الشكر عليه ذكره بعضهم وقال القونوي الذنوب كلها نجاسات باطنه وإن كان لبعضها خواص تتعدى من الباطن إلى الظاهر وهو ما أشار إليه بهذا الحديث، ولهذا الحديث سر آخر وهو أن الحرمان قد يكون بالنسبة إلى الرزق المعنوي والروحاني وقد يكون من الرزق الظاهر المحسوس ‏(‏ولا يرد القضاء إلا الدعاء-بمعنى تهويته وتيسير الأمر فيه حتى يكون القضاء النازل كأنه لم ينزل وفي الحديث الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل أما نفعه مما نزل فصبره عليه ورضاه ومما لم ينزل فهو أن يصرفه عنه أو عنده قبل النزول بتأييد من عنده حتى يخفف عنه أعباء ذلك إذا نزل به فينبغي للإنسان أن يكثر من الدعاء قال الغزالي فإن قيل ما فائدة الدعاء مع أن القضاء لا مرد له‏؟‏ فاعلم أن من جملة القضاء رد البلاء بالدعاء فالدعاء سبب لرد البلاء ووجود الرحمة كما أن البذر سبب خروج النبات من الأرض وكما أن الترس يرد السهم-‏)‏ ‏[‏ص 333‏]‏ بمعنى أن الدوام على الدعاء يطيب ورود القضاء فكأنه رده ذكره أبو حاتم وهو معنى قول البعض رده للقدر تهوينه حتى يصير القضاء النازل كأنه ما نزل ثم المراد أن الدعاء أعظم أسباب رده فبالنسبة لذلك حصره فيه وإلا فالصدقة تشاركه بدليل باكروا بالصدقة فأن البلاء لا يتخطاها ويأتي نظيره في الحصر المذكور في قوله ‏(‏ولا يزيد في العمر إلا البر‏)‏ لأن البر يطيب عيشه فكأنه يزيد في عمره والذنب يكدر صفاء رزقه فكلما فكر في عاقبة أمره فكأنه حرمه أو المراد الزيادة بالنسبة لملك الموت أو اللوح لا لما في علمه تقدس فإنه لا يتبدل‏.‏

- ‏(‏حم ن ه حب ك عن ثوبان‏)‏ مولى المصطفى صلى اللّه عليه وسلم قال الحاكم صحيح وأقره الذهبي ثم العراقي وقال المنذري رواه النسائي بإسناد صحيح‏.‏

1976 - ‏(‏إن الرجل‏)‏ الإنسان ‏(‏إذا نزع ثمرة من‏)‏ ثمار أشجار ‏(‏الجنة‏)‏ أي قطفها من شجرها ليأكلها والنزع القلع أي بقوة كما يفيده قول الزمخشري نزع الشيء من يده جذبه ورجل منزع شديد النزع ‏(‏عادت مكانها أخرى‏)‏ حالاً بأن يخلق اللّه تعالى مكان كل ثمرة تقطف ثمرة أخرى ابتداء أو بأن يتولد من الشجرة مثلها حالاً لتصير الأشجار مزينة بالثمار أبداً موفرة بها دائما لا ترى شجرة عريانة من ثمرها كما في الدنيا وذلك أفرط لابتهاج أهلها واغتباطهم حيث يتناول الثمرة ليأكلها فما هي بواصلة إلى فيه حتى يبدل اللّه مكانها مثلها وبذلك يتحقق مقدار الغبطة ويتبين موقع النعمة حق التبيين‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وكذا الحاكم ‏(‏عن ثوبان‏)‏ وكذا رواه عنه البزاز لكنه قال أعيد في مكانها مثلاها على التثنية قال الهيثمي رجال الطبراني وأحد إسنادي البزار ثقات‏.‏

1977 - ‏(‏إن الرجل إذا نظر إلى امرأته‏)‏ بشهوة أو غيرها على ما اقتضاه الإطلاق والأقرب أن المراد نظر إليها شاكراً للّه تعالى أن أعطاه إياها من غير حول منه ولا قوة أو نظر إليها لتتحرك عنده داعية الجماع فيه فيجامعها فتعفه عن الزنا أو تأتي بولد يذكر اللّه تعالى ويتكثر به الأمم امتثالاً لأمر الشارع إلى غير ذلك من المقاصد الدينية التي يترتب عليها الثواب ويظهر أن المراد الحليلة الموطوءة هنا زوجة أو سرية ‏(‏ونظرت إليه‏)‏ كذلك ‏(‏نظر اللّه تعالى إليهما نظرة رحمة‏)‏ أي صرف لهما حظاً عظيماً منها ‏(‏فإذا أخذ بكفها‏)‏ ليصافحها أو يقبلها أو يعانقها أو يجامعها وعبر عن ذلك بالأخذ باليد استحياء لذكره لأنه أشد حياء من العذراء في خدرها ‏(‏تساقطت ذنوبهما من خلال أصابعهما‏)‏ أي من بينهما قال الراغب‏:‏ والخلل الفرجة بين الشيئين أو الأشياء ومنه ‏{‏فجاسوا خلال الديار‏}‏ وتساقط الذنوب من بين الأصابع كناية عن كونه لا يفارق كفه كفها إلا وقد شملت ذنوبهما المغفرة والمراد الصغائر لا الكبائر كما يجيء‏.‏

- ‏(‏ميسرة بن علي في مشيخته‏)‏ المشهورة ‏(‏والرافعي‏)‏ إمام الدين عبد الكريم القزويني ‏(‏في تاريخه‏)‏ أي تاريخ قزوين ‏(‏عن أبي سعيد‏)‏ الخدري رضي اللّه عنه‏.‏

1978 - ‏(‏إن الرجل لينصرف‏)‏ من الصلاة ‏(‏وما كتب له‏)‏ من الثواب ‏(‏إلا عشر صلاته تسعها‏)‏ بضم التاء أوله وهو وما بعده بدل مما قبله بدل تفصيل ‏(‏ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها‏)‏ أراد أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص بحسب الخشوع والتدبر ونحو ذلك مما يقتضي الكمال كما في صلاة الجماعة خمس وعشرون وسبع وعشرون ‏[‏ص 334‏]‏ وبدأ بالعشر لأنه أقل الكسور قال الغزالي‏:‏ والصلاة قد يحسب بعضها ويكتب بعضها دون بعض كما دل عليه هذا الخبر، والفقيه يقول الصحة لا تتجزأ ولكن ذلك له معنى آخر وفي بعض الروايات إن العبد ليس له من صلاته إلا ما عقل أي فيكتب له منها ما عقل فقط وذلك فضل عظيم عند اللّه لأن صلاته كانت في موجب الأدب أسرع إلى العقوبة منها إلى أن يكتب له ما عقل إذ لا يدري بين يدي من هو حتى يلتفت إلى غيره بقلبه وهو واقف راكع ساجد بجسده قال الحسن البصري‏:‏ كل صلاة لا يحضر فيها القلب فهي إلى العقوبة أسرع وقال بعضهم‏:‏ كل صلاة كانت منك عن ظهر غيب مختلط بأنواع العيوب وبدن نجس بأقذار الذنوب ولسان متلطخ بأنواع المعاصي والفضول لا تصلح أن تحمل إلى تلك الحضرة العلية، وقال إمام الحرمين‏:‏ انظر أيها العاقل هل وجهت قط صلاة من صلواتك إلى السماء كمائدة بعثتها إلى بيوت الأغنياء وقال الوراق‏:‏ ما فرغت قط من صلاة إلا استحيت حين فرغت منها أشد من حياء امرأة فرغت من الزنا، وعلم مما تقرر أن مقصود الخبر الزجر عن كل ما ينقص الثواب أو يبطله بالأولى، وتمسك به من جعل الخشوع شرطاً للصحة كالغزالي وأجيب بأن الذي أبان عنه الخبر هو أنه لا يثاب إلا على ما عمل بقلبه وأما الفرض فيسقط والذمة تبرأ بعمل الجوارح-وفي هذا الحديث الحث الأكيد والحض الشديد على الخشوع والخضوع في الصلاة وحضور القلب مع اللّه تعالى ونص على الإتيان للسنن والآداب الزائدة على الفرائض والشرط فإن الصلاة لا تقع صحيحة ويكتب للمصلي فيها أجر كالعشر والتسع إلا إذا أتى بهما أي بالفرائض والشروط كاملين فمتى أخل بفرض أو شرط منها لم تصح ولم يكتب له أجر أصلاً ويدل على هذا قول عمار في أول الحديث هل رأيتموني تركت شيئاً من حدودها وقوله إني بادرت سهو الشيطان يدل على أن ذهاب تسعة أعشار فضل الصلاة من وسوسة الشيطان وذكره شيئاً من الأمور الدنيوية واسترساله في ذكره ومن أعرض عما يذكره به الشيطان ولم يسترسل معه لا ينقص من أجره شيء كما دل عليه قوله صلى اللّه عليه وسلم إن اللّه تعالى تجاوز عن أمتي ما حدّثت به أنفسها وهذا العشر الذي يكتب للمصلي يكمل به تسعة أعشار من التطوعات كما روى أبو يعلى عن أنس رضي اللّه تعالى عنهما قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إن أول ما يحاسب به الصلاة يقول اللّه انظروا في صلاة عبدي فإن كانت كاملة حسب له الأجر وإن كانت ناقصة يقول انظروا هل لعبدي من التطوع فإن كان له تطوع تمت الفريضة من التطوع وهذا كله حيث لا عذر له فأما من سمع بكاء صبي فخفف لأجله فله الأجر كاملاً- ‏(‏حم د حب عن عمار بن ياسر‏)‏ بمثناة تحتية ومهملة قال العراقي إسناده صحيح ولفظ رواية النسائي إن الرجل يصلي ولعله أن لا يكون له من صلاته إلا عشرها أو تسعها أو ثمنها أو سبعها حتى انتهى إلى آخر العدد وفي رواية له أيضاً منكم من يصلي الصلاة كاملة ومنكم من يصلي النصف والثلث والربع حتى بلغ العشر قال الحافظ الزين العراقي رجاله رجال الصحيح وسبب الحديث كما في رواية أحمد أن عمار بن ياسر صلى صلاة فأخف بها فقيل له يا أبا القطان خففت فقال هل رأيتموني نقصت من حدودها شيئاً قالوا لا قال قد بادرت سهو الشيطان إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال فذكره‏.‏

1979 - ‏(‏إن الرجل إذا دخل في صلاته‏)‏ أي أحرم بها إحراماً صحيحاً ‏(‏أقبل اللّه عليه بوجهه -بلطفه وإحسانه، وحق من أقبل اللّه عليه برحمته أن يقبل عليه بطرح الشواغل الدنيوية والوسواس المفوّت لثواب الصلاة-‏)‏ أي برحمته وفضله ‏[‏ص 335‏]‏ ‏(‏فلا ينصرف عنه حتى ينقلب‏)‏ بقاف وموحدة أي ينصرف من صلاته قال في الصحاح المنقلب يكون زماناً ومصدراً كالمنصرف وقلبهم صرفهم قال الزمخشري‏:‏ قلبه قلباً حوله من وجهه ومن المجاز قلب المعلم الصبيان صرفهم إلى بيوتهم ‏(‏أو يحدث‏)‏ أي يحدث أمراً مخالفاً للدين أو المراد الحدث الناقض والأول أولى بقرينة قوله ‏(‏حدث سوء‏)‏ فالمعنى ما لم يحدث سوءاً، قال الغزالي‏:‏ وإقبال اللّه عليه كناية عن مكاشفة كل مصلّ على قدر صفاته عن كدرات الدنيا ويختلف ذلك بالقوة والضعف والقلة والكثرة والجلاء والخفاء حتى ينكشف لبعضهم الشيء وللبعض مثال ويختلف بما فيه المكاشفة فبعضهم ينكشف له من صفات اللّه وبعضهم من أفعاله وبعضهم من دقائق علوم المعاملة إلى غير ذلك وقال القونوي‏:‏ الصلاة محل المناجاة ومعدن المصافاة واللّه تعالى هو النور وحقيقة العبد ظلمانية، فالذات المظلمة إذا واجهت الذات النيرة وقابلتها بمحاذاة صحيحة فإنها تكتسب من أنوار الذات النيرة، ألا ترى القمر الذي هو في ذاته مظلم كثيف كيف يكتسب النور من الشمس بالمقابلة وكيف يتفاوت اكتسابه للنور بحسب التفاوت الحاصل في المحاذاة والمقابلة فإذا تمت المقابلة وصحت المحاذاة كمل اكتساب النور فإن تفطنت لذلك عرفت نفاوت حظوظ المصلين من ربهم في صلاتهم وعرفت سر قوله عليه الصلاة والسلام جعلت قرة عيني في الصلاة‏.‏

- ‏(‏ه عن حذيفة‏)‏ ابن اليمان‏.‏

1980 - ‏(‏إن الرجل لا يزال في صحة رأيه‏)‏ أي عقله المكتسب ‏(‏ما نصح لمستشيره‏)‏ أي مدة دوام نصحه له قال الزمخشري‏:‏ المشورة والمشاورة استخراج الرأي من شرف العسل استخرجته ‏(‏فإذا غش مستشيره سلبه اللّه صحة رأيه‏)‏ فلا يرى رأياً ولا يدبر أمراً إلا انعكس عليه وكان تدميره في تدبيره عقوبة له على خبث ما ارتكبه من غش أخيه المسلم الذي فوض أمره إليه وجعل معوله عليه‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في ترجمة مالك بن الهيثم أحد دعاة بني العباس ‏(‏عن ابن عباس‏)‏ ثم نقل أعني ابن عساكر عن بعضهم ما محصوله أن مالكاً هذا كان من الإباحية الذين يرون إباحة المحارم ولا يقولوا بصلاة ولا غيرها وفيه علي بن محمد المدائني قال الذهبي قال ابن عدي ليس بقوي‏.‏

1981 - ‏(‏إن الرجل ليسألني الشيء‏)‏ أي من أمور الدنيا‏.‏ كذا قيل ولا دليل عليه ‏(‏فأمنعه حتى تشفعوا فتؤجروا‏)‏ الظاهر أنه أراد بالمنع السكوت انتظاراً للشفاعة لا المنع باللفظ كما سيجيء في عدة أخبار أنه ما سئل في شيء فقال لا قط، والمنع ضد الإعطاء والشفاعة المطالبة بوسيلة أو زمام والأجر الإثابة والمثيب هو اللّه تعالى‏.‏

- ‏(‏طب عن معاوية‏)‏ بن أبي سفيان‏.‏

1982 - ‏(‏إن الرجل ليعمل أو المرأة‏)‏ لتعمل ‏(‏بطاعة اللّه ستين سنة‏)‏ مثلاً ‏(‏ثم يحضرهما الموت فيضارّان‏)‏ بالتشديد أي يوصلان الضرر إلى وارثيهما ‏(‏في الوصية‏)‏ بأن يزيدا على الثلث أو يقصدا حرمان الأقارب أو يقرا بدين لا أصل له ‏(‏فتجب لهما النار‏)‏ أيستحقان دخول نار جهنم إن لم يدركهما اللّه بعفوه ثم قرأ أبو هريرة ‏{‏من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار‏}‏ وأخذ بظاهره مالك فأبطل المضارة فيها وإن لم يقصدها قال البعض والمضارة في الوصية من الكبائر

- ‏(‏د ت‏)‏ في الوصية حديث شهر بن حوشب ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ رضي اللّه عنه قال الترمذي حسن غريب انتهى وشهر أورده الذهبي في الضعفاء وقال ابن عدي لا يحتج به ووثقه ابن معين‏.‏

‏[‏ص 336‏]‏ 1983 - ‏(‏إن الرجل ليتكلم الكلمة‏)‏ الواحدة ‏(‏لا يرى بها بأساً‏)‏ أي سوءاً يعني لا يظن أنها تعد عليه ذنباً ولا أنه يؤاخذ بها ‏{‏وتحسبونه هيناً وهو عند اللّه عظيم‏}‏ ‏(‏يهوي بها‏)‏ أي يسقط بسببها ‏(‏سبعين خريفاً في النار‏)‏ لما فيها من الأوزار التي ليس عند الغافل المسكين منها إشعار والمراد أنه يكون دائماً في الصعود والهوى ذكره القاضي والهروي فعلى العاقل أن يميز بين أشكال الكلام قبل نطقه فما كان من حظوظ النفس وإظهار صفات المدح ونحو ذلك تجنبه ومن آمن بهذا الخبر حق إيمانه اتقى اللّه في لسانه وقلل كلامه حسب إمكانه سيما فيما ينهى عن الكلام فيه كبعد العشاء إلا في خير قال الغزالي‏:‏ اللسان إنما خلق لك لتكثر به ذكر اللّه وتلاوة كتابه وترشد به الخلق إلى طريقه أو تظهر به ما في ضميرك من حاجات دينك ودنياك فإذا استعملته لغيسر ما خلق له فقد كفرت نعمة اللّه فيه وهو أغلب أعضائك عليك ولا يكب الناس في النار إلا حصائد ألسنتهم فاستظهر الغاية تؤتك حتى لا يكبك في قعر جهنم انتهى والهويّ بضم الهاء وفتحها السقوط من أعلى إلى أسفل ذكره أبو زيد وغيره والخريف هنا عبارة عن السنة والمراد بالسبعين التكثير لا التحديد‏.‏

- ‏(‏ت ه ك عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

1984 - ‏(‏إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأساً ليضحك بها القوم‏)‏ أي يريد أن يضحكهم ‏(‏وإنه ليقع بها أبعد من السماء‏)‏ أي يقع بها في النار أبعد من وقوعه من السماء إلى الأرض قال الغزالي‏:‏ المراد به ما فيه غيبة مسلم أو إيذاؤه دون محض المزاح انتهى فعلى العاقل ضبط جوارحه فإنها رعاياه وهو مسؤول عنها جارحة جارحة ‏{‏إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً‏}‏ وإن من أكثر المعاصي عدداً وأيسرها وقوعاً آثام اللسان إذ آفاته تزيد على العشرين ومن ثم قال تعالى ‏{‏وقولوا قولاً سديداً‏}‏‏.‏

أخذ الشافعية من هذا الخبر وما أشبهه أن اعتياد أكثر حكايات تضحك أو فعل خيالات كذلك خارم للمروءة راد للشهادة وصرح بعضهم بأنه حرام وآخرون بأنه كبيرة تمسكاً بهذا الخبر وفرضه البعض في كلمة في الغير بباطل يضحك بها أعداءه لأن فيه حينئذ من الإيذاء ما يربو على كثير من الكبائر‏.‏

- ‏(‏حم عن أبي سعيد‏)‏ الخدري قال الهيثمي‏:‏ فيه أبو إسرائيل إسماعيل بن خليفة وهو ضعيف‏.‏

1985 - ‏(‏إن الرجل إذا مات بغير مولده‏)‏ أي بأرض غير الأرض الذي ولد بها يعني مات غريباً ‏(‏فليس له‏)‏ بالبناء للمفعول يعني أمر اللّه الملائكة أن تقيس أي تذرع له من مولده أي المكان الذي ولد فيه ‏(‏إلى منقطع‏)‏ بفتح الطاء ‏(‏أثره‏)‏ أي إلى موضع قطع أجله سمي الأجل أثراً لأنه يتبع العمر قال‏:‏

والمرء ما عاش ممدود له أجل * لا ينتهي العمر حتى ينتهي الأجل

وأصله من أثر مشيه في الأرض فإن مات لا يبقى له أثر فلا يرى لأقدامه أثر وقوله ‏(‏في الجنة‏)‏ متعلق بقيس يعني من مات في غربة يفسح له في قبره مقدار ما بين قبره وبين مولده ويفتح له باب إلى الجنة ومن البين أن هذا الفضل العظيم لمن لم يعص بغربته‏.‏

- ‏(‏ن ه عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص قال مات رجل بالمدينة ممن ولد بها فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ليته مات في غير مولده فقيل له لم‏؟‏ فقال ذلك‏.‏

1986 - ‏(‏إن الرجل إذا صلى مع الإمام‏)‏ أي افتدى به واستمر ‏(‏حتى ينصرف‏)‏ من صلاته ‏(‏كتب‏)‏ وفي رواية حسب ‏(‏له قيام ليلة‏)‏ قال في الفردوس يعني التراويح اهـ‏.‏ ولم يطلع عليه ابن رسلان فبحثه حيث قال يشبه اختصاص هذا ‏[‏ص 337‏]‏ الفضل بقيام رمضان لأنه ذكر الصلاة مع الإمام ثم أتى بحرف يدل على الغاية فدل على أن هذا الفضل إنما يأتي إذا اجتمعوا في صلوات يقتدى بالإمام فيها وهذا لا يأتي في الفرائض المؤداة‏.‏

- ‏(‏حم ت عن أبي ذر حب‏)‏ قال صمنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رمضان فلم يقم بنا شيئاً من الشهر حتى مضى سبع فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل فلما كانت السادسة لم يقم شيئاً فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب الليل فقلت يا رسول اللّه لو نفلتنا قيام هذه الليلة فذكره وهو بعض حديث طويل قال الترمذي حسن صحيح‏.‏

1987 - ‏(‏إن الرجل من أهل عليين‏)‏ أعلى الجنة وأشرفها من العلو وكلما علا الشيء وارتفع عظم قدره ولذا قال تعالى معظماً قدره ‏{‏وما أدراك ما عليون‏}‏ ويدل عليه قوله ‏(‏ليشرف‏)‏ بضم الياء وكسر الراء ‏(‏على‏)‏ من تحته من ‏(‏أهل الجنة‏)‏ ويدل له خبر الترمذي إن أهل الجنة العلا ليراهم من تحتهم كما ترون الكوكب قال الراغب‏:‏ عليون اسم أشرف الجنان ‏(‏فتضيء الجنة‏)‏ أي يستنير استنارة مفرطة ‏(‏بوجهه‏)‏ أي من أجل إشراق إضاءة نور وجهه عليها ‏(‏كأنها‏)‏ أي كأن وجوه أهل عليين ‏(‏كوكب‏)‏ أي كالكوكب ‏(‏دري‏)‏ نسبة للدر لبياضه وصفائه أي كأنها كوكب من رد في غاية الإشراق والصفاء والإضاءة وعلم من هذا أن الجنة طبقات بعضها فوق بعض وأن أنفسها وأغلاها أعلاها في الإضاءة والإضاءة فرط الإنارة كما مر والكوكب النجم يقال كوكب وكوكبة كما قالوا بياض وبياضة وعجوز وعجوزة وكوكب الروضة نورها ذكره في الصحاح‏.‏ قال الزمخشري‏:‏ ومن المجاز در لكوكب طلع كأنه بدر الظلام ودارت النار أضاءت‏.‏

- ‏(‏ه عن أبي سعد‏)‏ الخدري قال في التقريب إسناده صحيح‏.‏

1988 - ‏(‏إن الرجل من أهل الجنة ليعطي قوة مئة رجل في الأكل والشرب والشهوة‏)‏ خصها لأن ما عداها راجع إليها إذ الملبس والمسكن من الشهوة ‏(‏والجماع‏)‏ فإن قلت‏:‏ كثرة الأكل والشرب في الدنيا مجمع على ذمه فكيف تمدح أهل الجنة فيها بكثرته‏؟‏ قلت‏:‏ إنما كان مذموماً في الدنيا لما ينشأ عنه من الفتور والتواني والتثاقل عن فعل العبادات ولما ينشأ عنه من الأمراض من تخمة وقولنج وغيرهما ولما يكسبه كثرة الأكل من الضراوة وأهل الجنة مأمونون من ذلك كله وكل ما في الجنة من أكل وغيره لا يشبه شيئاً مما في الدنيا إلا في مجرد الاسم، ألا ترى إلى قوله ‏(‏حاجة أحدهم‏)‏ كنى عن البول والغائط ‏(‏عرق‏)‏ بفتح أوله ‏(‏يفيض من جلده‏)‏ أي يخرج من مسامه ‏(‏فإذا بطنه قد ضمر‏)‏ بفتحات أي انهضم وانضم، جعل اللّه سبحانه لهم أسباباً لتصرف الطعام من الجشاء والعرق الذي يفيض - بفتح أوله - من جلودهم فهذا سبب إخراجه وذلك سبب إنضاحه وقد جعل في أجوافهم من الحرارة ما يطبخ الطعام ويلطفه ويهيئه لخروجه عرقاً أو جشاء إلى غير ذلك من الأسباب التي لا تتم المعيشة إلا بها واللّه سبحانه خالق السبب والمسبب وهو رب كل شيء والأسباب مظهر أفعاله وحكمه لكنها مختلفة الأحكام في الدارين فأفعاله في الآخرة واردة على أسباب غير الأسباب المعهودة والمألوفة في الدنيا وربما لا يتأمل القاصر ذلك فينكره جهلاً وظلماً إذ ليست قدرته قاصرة علي أسباب آخر ومسببات تنشأ منها كما لم تقصر قدرته في هذا العالم المشهود عن أسبابه ومسبباته وليس ذا بأهون عليه من ذلك بل النشأة التي أنشأها بالعيان أعجب من النشأة الثانية الموعود بها إخراج الأشربة التي هي غذاء ودواء وشراب ولذة من بين فرث ودم ومن فم ذباب أعجب من إجراءها أنهاراً في الجنة بأسباب أخر وإخراج جوهر الذهب ‏[‏ص 338‏]‏ والفضة في عروق الجبال أعجب من إنشائها هناك من أسباب أخر وإخراج الحرير من لعاب دود القز وبنائها على نفسها القباب الملونة أعجب من إخراجه من شجرة هناك وجريان البحار بين السماء والأرض فوق السحاب أعجب من جريانها في الجنة بغير أخدود ومن تأمل آيات اللّه الدالة على كمال قدرته وبديع حكمته ثم وازن بينها وبين ما أخبر في الآخرة وجدهما عن مشكاة واحدة‏.‏

- ‏(‏طب عن زيد بن أرقم‏)‏ قال الهيثمي رواته ثقات‏.‏

1989 - ‏(‏إن الرجل‏)‏ في رواية إن المؤمن ‏(‏ليدرك بحسن خلقه درجة‏)‏ أي مثل درجة أي منزلة ‏(‏القائم بالليل‏)‏ أي المتهجد فيه ‏(‏الظامئ الهواجر‏)‏ أي العطشان في شدة الحر بسبب الصوم لأنهما يجاهدان أنفسهما في مخالفة حظهما من الطعام والشراب والنكاح والنوم والصيام يمنع من ذلك والنفس أمارة بالسوء تدعو إلى ذلك لأن الطعام يتقوى وبالنوم ينمو، فالصائم والقائم مجاهدان بذلك ومن جمعهما فكأنه يجاهد نفساً واحدة ومن حسن خلقه يجاهد نفسه في تحمل أثقال مساوئ أخلاق الناس لأن الحسن الخلق لا يحمل غير، خلقه وأثقاله ويتحمل أثقال غيره وخلقه وهو جهاد كبير فأدرك ما أدركه القائم الصائم فاستويا في الدرجة قال الغزالي رضي اللّه عنه‏:‏ ولا يتم لرجل حسن خلقه حتى يتم عقله فعند ذلك يتم إيمانه ويطيع ربه ويعصي عدوه إبليس‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي أمامة‏)‏ قال الهيثمي فيه عفير بن معدان وهو ضعيف انتهى ورواه الحاكم من حديث أبي هريرة وقال على شرطهما وأقره الذهبي فلو آثره المصنف لصحته كان أولى من إيثاره هذا لضعفه‏.‏

1990 - ‏(‏إن الرجل‏)‏ وفي رواية الطبراني وأبي يعلى الكافر ‏(‏ليلجمه العرق‏)‏ أي يصل إلى فيه فيصير كاللجام قال النووي‏:‏ يحتمل عرق نفسه وغيره ويحتمل عرقه فقط لتراكم الأهوال ودنو الشمس من الرؤوس ‏(‏يوم القيامة‏)‏ من شدة الهول وذلك يختلف باختلاف الناس فبعضهم يكون ذلك اليوم عليه مقدار خمسين ألف سنة وبعضهم يكون عليه لحظة لطيفة لصلاة الصبح كما زاد في رواية الطبراني وأبي يعلى والبيهقي في الشعب عن ابن عمرو وغيره أن هذا في الكافر وعورض بما في بعض الطرق من أن الناس يتفاوتون فيه بحسب أعمالهم والأخبار كالصريح في ذلك كله في الموقف وقد ورد أنه يقع مثله لمن يدخل النار‏.‏ قال ابن أبي جمر‏:‏ وظاهر الخبر تعميم الناس بذلك لكن دلت أحاديث أخر على تخصيصه البعض ويستثنى الأنبياء والشهداء ومن شاء اللّه فأشدهم في العرق الكفار وأصحاب الكبائر ثم من بعدهم والمسلمون منهم قليل بالنسبة للكفار ‏(‏فيقول رب‏)‏ بحذف حرف النداء للتخفيف وفي رواية بإثبات حرف النداء ‏(‏أرحني‏)‏ من طول الوقوف على تلك الحالة ‏(‏ولو‏)‏ بإرسالي ‏(‏إلى النار‏)‏ زاد في رواية وهو يعلم ما فيها من شدة العذاب، وفيه إشارة إلى طول وقوفهم في ذلك الموقف في مقام الهيئة وتمادي حبسهم في مشهد الجلال والعظمة‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وكذا الأوسط ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ رجال الكبير رجال الصحيح وقال المنذري إسناده جيد‏.‏

1991 - ‏(‏إن الرجل ليطلب الحاجة‏)‏ أي الشيء الذي يحتاجه ممن جعل اللّه حوائج الناس إليه كالإمام الأعظم أو بعض نوابه ‏(‏فيزويها‏)‏ بتحية فزاي أي يصرفها اللّه ‏(‏عنه‏)‏ فلا يسهل له قال الزمخشري‏:‏ زوى الميراث عن ورثته عدل به عنهم ‏[‏ص 339‏]‏ ‏(‏لما هو خير له‏)‏ وهو أعلم بما يصلح به عبده ‏{‏وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم‏}‏ ‏(‏فيتهم الناس ظلماً لهم‏)‏ بذلك الاتهام وفي نسخ فيتهم الإنسان ظالماً له وهو تحريف فإن الأول هو الذي وقفت عليه في نسخة المصنف بخطه ‏(‏فيقول من شبعني‏)‏ بفتح الشين المعجمة والباء الموحدة والعين بضبط المصنف بخطه يعني من تزين بالباطل وعارضني فيما سألته من الأمير مثلاً ليغبطني بذلك ويدخل الأذى والضرر عليّ بمعارضته، ففي لسان العرب وغيره ما محصوله تشبع تزين بالباطل كالمرأة تكون للرجل ولها ضرائر فتشبع بما تدعى من الحظوة عند زوجها بأكثر مما عنده لها تريد بذلك غيظ جارتها وإدخال الأذى عليها قال وكذلك هذا في الرجال ومقصود الحديث أنه ليس بيد أحد من الخلق نفع ولا منع وإنما الفاعل هو اللّه‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عباس‏)‏ قال الهيثمي فيه عبد الغفور أبو الصياح وهو متروك‏.‏

1992 - ‏(‏إن الرجل‏)‏ يعني الإنسان المؤمن ولو أنثى ‏(‏لترفع درجته في الجنة فيقول أنى هذا‏)‏ أي من أين لي هذا ولم أعمل عملاً يقتضيه وفي نسخة أنى لي ولفظ لي ليس في خط المصنف ‏(‏فيقال‏)‏ أي تقول له الملائكة أو العلماء هذا ‏(‏باستغفار ولدك لك‏)‏ من بعدك، دل به على أن الاستغفار يحط الذنوب ويرفع الدرجات وعلى أنه يرفع درجة أصل المستغفر إلى ما لم يبلغها بعمله فما بالك بالعامل المستغفر ولو لم يكن في النكاح فضل إلا هذا لكفى وكان الظاهر أن يقال لاستغفار ليطابق اللام في لي لكن سد عنه أن التقدير كيف حصل لي هذا فقيل حصل لك باستغفار ولدك وقيل إن الابن إذا كان أرفع درجة من أبيه في الجنة سأل أن يرفع أبوه إليه فيرفع وكذلك الأب إذا كان أرفع وذلك قوله سبحانه وتعالى ‏{‏لا تدرون أيهم أقرب نفعاً‏}‏‏.‏

- ‏(‏حم ه هق عن أبي هريرة‏)‏ قال الذهبي في المهذب سنده قوي وقال الهيثمي رواه البزار والطبراني بسند رجاله رجال الصحيح غير عاصم بن بهدلة وهو حسن الحديث‏.‏

1993 - ‏(‏إن الرجل أحق بصدر دابته‏)‏ بأن يركب على مقدم ظهرها ويردف خلفه ولا يعكس ‏(‏وصدر فراشه‏)‏ بأن يجلس في أرفع تكرمته فلا يتقدم عليه في ذلك نحو ضيف ولا زائر إلا بإذنه ‏(‏وأن يؤم في رحله‏)‏ أي أن يصلي إماماً بمن حضر عنده في منزله الذي يسكنه بحق فإذا دخل إنسان على آخر في منزله لنحو زيارة أو ضيافة وحضرت الصلاة فصاحب المنزل أولى بالتقدم للإمامة ويستثنى الوالي في محل ولايته والفراش بالكسر فعال يعني مفعول ككتاب بمعنى مكتوب وجمعه فرش ككتاب وكتب وهو فرش أيضاً تسمية بالمصدر والرحل مسكن الإنسان ومأواه كما في الصحاح وغيره‏.‏

- ‏(‏طب عن عبد اللّه بن حنظلة‏)‏ بن أبي عامر الراهب الأنصاري له رواية وأبوه أصيب يوم أحد استشهد عبد اللّه يوم الحرة وكان أمير الأنصار فيها‏.‏

1994 - ‏(‏إن الرجل ليبتاع الثوب بالدينار والدرهم‏)‏ الواو بمعنى أو ‏(‏أو بنصف الدينار‏)‏ مثلاً والمراد بشيء حقير وفي نسخة المصنف بخطه أو بالنصف الدينار بزيادة ال، والظاهر أنه سبق قلم ‏(‏فيلبسه فما يبلغ كعبيه‏)‏ أي ما يصل إلى عظميه الناتئتين عند مفصل الساق والقدم وفي رواية بدل كعبيه ثدييه ‏(‏حتى يغفر له‏)‏ أي يغفر اللّه له ذنوبه والمراد الصغائر ‏(‏من ‏[‏ص 340‏]‏ الحمد‏)‏ أي من أجل أو بسبب حمده للّه على ذلك وفيه منقبة عظيمة حيث أوقع في مقابلته هذا الجزاء العظيم وهو المغفرة فيسن مؤكداً لمن لبس ثوباً جديداً أن يحمد اللّه على تيسيره له، وأولى صيغ الحمد هنا ما جاء عن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم في الحديث الآتي في الكاف وتحصل السنة بأي شيء كان من صيغه ولو بلفظ الحمد للّه فقط ‏(‏ابن السني عن أبي سعيد‏)‏ الخدري‏.‏

1995 - ‏(‏إن الرجل إذا رضي هدي الرجل‏)‏ بفتح الهاء وكسرها وسكون الدال أي وصفه وطريقته وفي الصحاح يقال ما أحسن هديته بكسر الهاء وفتحها أي سيرته ومنه خبر اهتدوا بهدي عمار وما أحسن هديه ‏(‏وعمله‏)‏ أي ورضي عمله ‏(‏فهو مثله‏)‏ في الخير أو ضده فإن كان محموداً فهو محمود أو مذموماً فمذموم واستعمال الهدي في الثاني مجاز ، ومقصود الحديث الحث على التباعد عن أهل الفسوق ومهاجرتهم بالقلوب والتصريح بعدم الرضى بأفعالهم‏.‏

- ‏(‏طب عن عقبة بن عامر‏)‏ قال الهيثمي فيه عبد الوهاب الضحاك وهو متروك‏.‏

1996 - ‏(‏إن الرجل ليصلي الصلاة‏)‏ أي في آخر وقتها ‏(‏ولما فاته منها‏)‏ من أول وقتها ‏(‏أفضل من أهله وماله‏)‏ اللذين هما أعز الأشياء عليه وفي رواية بدله خير من الدنيا وما فيها‏.‏ قال الغزالي‏:‏ فينبغي المبادرة لحيازة فضيلة أول الوقت لهذا الحديث‏.‏

- ‏(‏ص عن طلق‏)‏ بفتح المهملة وسكون اللام ‏(‏ابن حبيب‏)‏ العنزي بفتح المهملة والنون الزاهد البصري قال في الكاشف‏:‏ روى عن جندب وابن عباس وغيرها قال أبو حاتم صدوق يرى الإرجاء وفي التقريب كأصله صدوق عابد رمي بالإرجاء من الطبقة الثالثة انتهى فالحديث مرسل وكان الأولى للمصنف التنبيه عليه، وقضية صنيع المصنف أنه لم يقف عليه مسنداً وهو قصور فقد خرجه ابن منيع والديلمي من حديث أبي هريرة باللفظ المزبور قال في الفردوس وفي الباب ابن عمر أيضاً‏.‏

1997 - ‏(‏إن الرحمة لا تنزل على قوم فيهم قاطع رحم‏)‏ أي قرابة له بنحو إيذاء وهجر، أراد بالقوم الذين يساعدونه على قطيعتها ولا ينكرون عليه وهو على العموم والمراد بالرحمة المطر فيحبس عنهم بشؤم القاطع وهذا وعيد عظيم مؤذن بأن قطيعة الرحم من الكبائر ومن ثم عدها كثيرون منها وفي رواية بدل الرحمة إن الملائكة إلى آخر ما ذكروا، وعليه قال في الإتحاف‏:‏ المراد بهذا ملائكة الزيارة والرحمة الذين يسبحون في الأرض لمثل ذلك ثم يحتمل تخصيص هذا بما إذا علموا حاله فلم يمنعوه ولم يخرجوه من بينهم ويحتمل أنه لحديث لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب وهو أقرب لظاهر الخبر وسره أن شأن القاطع غالباً يظهر سرائره فعدم العلم بحاله لا يكون عذراً بل هو دليل على عدم اعتناء أولئك القوم بالأمور الدينية وأنهم لا يفتقدون بعضهم بأمره في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفيه إشارة إلى طلب هجر القاطع في المجلس وينبغي ترك مجاورته لمن تيسر له ذلك وأنه لا يرافق في سفره ونحوه‏.‏

- ‏(‏خد عن ابن أبي أوفى‏)‏ ورواه عنه أيضاً الطبراني وضعفه المنذري وقال الهيثمي فيه أبو داود المحاربي وهو كذاب‏.‏

1998 - ‏(‏إن الرزق ليطلب العبد‏)‏ أي الإنسان ‏(‏أكثر مما يطلبه أجله‏)‏ أي غاية عمره قال البيهقي‏:‏ معناه أن ما قدر من الرزق يأتيه ولا بد فلا يجاوز الحد في طلبه فالاهتمام بشأنه والحرص على استزادته ليس نتيجته إلا شغل القلوب عن خدمة علام الغيوب والعمى عن مرتبة العبودية وسوء الظن بالحضرات الرازقية‏.‏ قال ابن عطاء اللّه‏:‏ اجتهادك فيما تضمن لك ‏[‏ص 341‏]‏ وتقصيرك فيما طلب منك دليل على انطماس بصيرتك‏.‏ ومما عزاه الطوسي رحمه اللّه وغيره لعلي كرم اللّه وجهه ورضي عنه وأرضاه‏:‏

حقيق بالتواضع من يموت * ويكفي المرء من دنياه قوت

صنيع مليكنا حسن جميل * وما أرزاقه عنا تفوت

فيا هذا سترحل عن قليل * إلى قوم كلامهم السكوت

وهذا الخبر لا تعارض بينه وبين خبر استنزلوا الرزق بالصدقة لأن ما هنا في المتحتم في العلم الأزلي وذلك بالنظر لما في صحف الملائكة أو اللوح‏.‏

- ‏(‏طب عد عن أبي الدرداء‏)‏ وكذا البيهقي في الشعب والدارقطني في العلل وأبو الشيخ ‏[‏ابن حبان‏]‏ في الثواب والعسكري والبزار رجاله ثقات وقال الدارقطني والبيهقي‏:‏ وقفه أصح من رفعه وقال ابن عدي هو بهذا الإسناد باطل‏.‏

1999 - ‏(‏إن الرزق لا تنقصه المعصية ولا تزيده الحسنة‏)‏ بالنسبة لما في العلم القديم الأزلي كما سبق تقريره موضحاً وعدم تنقيص الرزق بالمعصية أمر مستفيض بين الملتين وغيرهم‏.‏ حكي أن كسرى غضب على بعض مرازبته فاستؤمر في قطع عطائه فقال‏:‏ يحط من مرتبته ولا ينقص من صلته فإن الملوك تؤدب بالهجران ولا تعاقب بالحرمان ‏(‏وترك الدعاء‏)‏ أي الطلب من اللّه ‏(‏معصية‏)‏ لما في خبر آخر إن من لم يدع اللّه يغضب عليه‏.‏ ولذا قيل‏:‏

اللّه يغضب إن تركت سؤاله * وبني آدم حين يسأل يغضب

والمراد أنه يقرب من المعصية لكراهته‏.‏

- ‏(‏طص عن أبي سعيد‏)‏ الخدري قال الهيثمي وفيه عطية العوفي وهو ضعيف قال السخاوي سنده ضعيف‏.‏

2000 - ‏(‏إن الرسالة والنبوة‏)‏ وفيه أنهما متغايران ‏(‏قد انقطعت‏)‏ أي كل منهما ‏(‏فلا رسول بعدي‏)‏ يبعث إلى الناس بشرع جديد فخرج عيسى عليه السلام ‏(‏ولا نبي‏)‏ يوحى إليه ليعمل لنفسه قال أنس راوي الحديث لما قال ذلك شق على المسلمين فقال ‏(‏ولكن‏)‏ الذي لا ينقطع هو ‏(‏المبشرات‏)‏ بكسر المعجمة فقالوا يا رسول اللّه وما المبشرات‏؟‏ قال ‏(‏رؤيا الرجل‏)‏ يعني الإنسان رجلاً أو غيره ‏(‏المسلم في منامه‏)‏ وفي رواية بدل المسلم الصالح ‏(‏وهي جزء من أجزاء النبوة‏)‏ أي خصلة من خصال الأنبياء التي بها يعلمون الوحي ومر أنها جزء من ستة وأربعين جزءاً وأقل وأكثر وجمع باختلاف قرب الأشخاص من أخلاق الحضرة النبوية وهذه قاعدة لا يحتاج في إثباتها إلى شيء لانعقاد الإجماع عليها ولا التفات إلى ما زعمه بعض فرق الضلال من أن النبوة باقية إلى يوم القيامة وبنوا ذلك على قاعدة الأوائل أن النبوة مكتسبة ورمى بذلك جمع من عظماء الصوفية كالإمام الغزالي افتراه عليه الحسدة وقد تبرأ رحمه اللّه من القول به وتنصل منه في كتبه وأما عيسى عليه الصلاة والسلام فقد أجمعوا على نزوله نبياً لكنه بشريعة نبينا صلى اللّه تعالى عليه وآله وسلم وذكر ابن بزيزة عن عصرية بن عربي أن زوجة عيسى عليه الصلاة والسلام ولدت في زمنه انتهى أقول وهذه دعوى قد تبين بطلانها فإن ابن عربي من القرن السادس ونحن الآن فيما بعد الألف وهذا مما يقوي الريبة في أقاويل ابن عربي‏.‏

- ‏(‏حم ت ك‏)‏ في الرؤيا ‏(‏عن أنس‏)‏ قال الحاكم على شرط مسلم وأقره الذهبي‏.‏

2001- ‏(‏إن الرؤيا تقع على ما تعبر‏)‏ بالتشديد أي تفسر قال في الصحاح‏:‏ عبر الرؤيا فسرها وعبرها أيضاً تعبيراً ‏(‏ومثل ‏[‏342‏]‏ ذلك مثل رجل رفع رجله فهو ينتظر متى يضعها ‏(‏فإذا رأى أحدكم رؤيا فلا يحدث بها إلا ناصحاً أو عالماً‏)‏ أي بتأويلها وسيجيء توجيهه‏.‏